يقول صاحب القصة لم أكن تجاوزت الثلاثين
انت في الصفحة 3 من 3 صفحات
لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه ..
قال نعم ..
نسيت أصحابي .. ونسيت الوليمة .. وقلت
سالم لا تحزن .. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد ..
قال أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائما ..
دهش سالم .. لم يصدق .. ظن أني أسخر منه .. استعبر ثم بكى ..
مسحت دموعه بيدي .. وأمسكت يده ..
أردت أن أوصله بالسيارة .. رفض قائلا المسجد قريب .. أريد أن أخطو إلى المسجد .. إي والله قال لي ذلك ..
لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخۏف .. والندم على ما فرطته طوال السنوات
الماضية ..
كان المسجد مليئا بالمصلين .. إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول ..
بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا ..
استغربت !! كيف سيقرأ وهو أعمى
كدت أن أتجاهل طلبه .. لكني جاملته خوفا من چرح مشاعره .. ناولته المصحف ...
أخذت أقلب الصفحات تارة .. وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها ..
أخذ مني المصحف .. ثم وضعه أمامه .. وبدأ في قراءة السورة .. وعيناه مغمضتان .
يا الله !! إنه يحفظ سورة
الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي.. أمسكت مصحفا ..
أحسست برعشة في أوصالي.. قرأت .. وقرأت..
دعوت الله أن يغفر لي ويهديني ..
لم أستطع الاحتمال .. فبدأت أبكي كالأطفال .
كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة ... خجلت منهم .. فحاولت أن أكتم بكائي .. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ..
إنه سالم !!
نظرت إليه .. قلت في نفسي .. لست أنت الأعمى . بل أنا الأعمى .. حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى الڼار ..
عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم ..
لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم ..
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد
هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد..
ذقت طعم الإيمان معهم ..
عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا ..
لم أفوت حتى صلاة الوتر ..
ختمت القران عدة مرات في شهر ..
رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس ..
أحسست أني أكثر قربا من أسرتي ..
اختفت نظرات الخۏف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي ..
الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم ..
من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها ..
حمدت الله كثيرا على نعمه .